بقلم – محروس سليم :
الوفاء بالعهد والحفاظ على الوعد من الأمور التي شدد عليها الإسلام وأوصانا بها رسولنا الكريم في أحاديثه النبوية ، حيث قال عز وجل في كتابه المبين ( وأوفوا بعهد اللَّه إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون )
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن، كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر )
ومن هنا نجد أن إخلاف الوعد حرام حيث يجب الوفاء بالوعد إذا وعدنا تنفيذا لأوامر الله عز وجل ولسنة رسوله العظيم ، سواء كان الوعد مالًا، أو وعد بإعانة شخص تعينه في شيء، أو أي أمر من الأمور، إذا وعدت فيجب عليك أن تفي بالوعد .
وقد اشتهر عند بعض السفهاء أنهم يقولون: أنا واعدك ولا أخلفك، وعدي إنجليزي. يظنون أن الذين يوفون بالوعد هم الإنجليز، ولكن الوعد الذي يوفى به هو وعد المؤمن .
لذا ينبغي لك أن تقول إذا وعدت أحدا وأردت أن تؤكد على وفائك بوعدك (لا يخلف الوعد إلا المنافق )
كما أنه من المعروف أن الوفاء أخو الصدق والعدل، كما أن الغدر أخو الكذب والفجور، وذلك أن الوفاء صدق اللسان والفعل معا، والغدر كذب بهما لأن مع الكذب نقض للعهد.
والوفاء يختص بالإنسان، فمن فقد الوفاء فقد انسلخ من الإنسانية .
وقد جعل الله تعالى العهد من الإيمان، وصيره دستورا لأمور الناس، فالناس مضطرون إلى التعاون ولا يتم تعاونهم إلا بمراعاة العهد والوفاء، ولولا ذلك لتنافرت القلوب، وارتفع التعايش .
لذلك عظم الله تعالى أمره فقال تعالى ( وأفوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون )
وقد وصف القرآن الكريم الذين يوفون بالعهد بأحسن الصفات فقال ( والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون )
كما قال ( بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين )
في المقابل نجد أن نقض الميثاق يؤدي إلى سوء السلوك والأخلاق وفي ذلك يقول رب العزة تبارك وتعالى ( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم )
فالوفاء بالعهد ضمانة لأداء تلك الأوامر واجتناب ما ورد من نواهي، ومن ثم يكون الانقياد والطاعة وحسن الخلق وإخلاف العهد نقض للعهد، ينحط بصاحبه إلى أسوأ البشر أخلاقا (وبخاصة إذا كان العهد مع الله )
فإن المتصف بتلك الصفة ينتقل من مجتمع الصادقين المتقين إلى تجمع المخادعين الكاذبين من المنافقين ( فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون )
عفانا الله وإياكم مما ابتلى به غيرنا واعاننا ووفقنا إلى أداء العهد والوفاء بالوعد وحال بيننا وبين المنافقين المخادعين وجعلنا وإياكم مما يستمعون القول فيتبعون أحسنه